أظهرت دراسة علمية حديثة أن صحة الأم قبل الحمل تلعب دوراً محورياً في نمو دماغ الطفل وسلوكه العصبي. فقد بين البحث أن زيادة وزن المرأة قبل الحمل قد تؤثر على الجينات المسؤولة عن التطور العصبي، وترتبط بظهور سلوكيات شبيهة باضطراب طيف التوحّد لدى الأطفال، نتيجة تغيّرات جينية موروثة تنتقل عبر البويضات. وتسلط هذه النتائج الضوء على أهمية العناية بصحة الأم حتى قبل الحمل كخطوة أساسية لحماية صحة الأجيال القادمة.
حذّرت دراسة علمية حديثة من أن زيادة وزن المرأة قبل الحمل قد تؤثر في النمو العصبي للأطفال، وترتبط بظهور سلوكيات شبيهة باضطراب طيف التوحّد، نتيجة تغيّرات جينية موروثة، وفق ما نشرته مجلة «نيوزويك». وأوضح البحث الذي أجراه فريق من جامعة هاواي في مانوا، أن السمنة قبل الحمل قد تؤدي إلى تحولات أيضية تسبب تغيّرات فوق جينية (Epigenetic changes) في بويضات الأم، وهي تغيّرات طويلة الأمد يمكن أن تنتقل إلى الجنين وتؤثر في الجينات المسؤولة عن تطور الدماغ، ومن بينها جين «Homer1» الذي يلعب دوراً محورياً في تنظيم الإشارات العصبية ووظائف التعلم والذاكرة.
تأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه معدلات السمنة واضطراب طيف التوحّد على مستوى العالم، إذ تشير الإحصاءات الأميركية إلى أن أكثر من 42 في المائة من البالغين يعانون السمنة، بينما يعيش طفل واحد من بين كل 31 طفلاً، وبالغ واحد من بين كل 45 شخصاً مع التوحّد.
ولفصل تأثير السمنة قبل الحمل عن تأثيرها خلاله، استخدم الباحثون تقنية التلقيح الصناعي ونقل الأجنة، ما أتاح دراسة التأثيرات الوراثية المبكرة بشكل أدق. وأظهرت التجارب على نماذج حيوانية أن ذكور الفئران المولودة لأمهات مصابات بالسمنة أظهرت ضعفاً في التفاعل الاجتماعي وسلوكيات تكرارية، وهي سمات مرتبطة باضطراب طيف التوحّد.
وأكد البروفسور أليكا ك. ماوناكيا، المتخصص في علم التعديلات فوق الجينية، أن صحة الأم قبل الحمل، وليس فقط خلاله، يمكن أن تترك أثراً عميقاً على نمو دماغ الطفل، مشيراً إلى أن «البصمات الجينية الموروثة من البويضة، حتى دون أي تواصل مباشر مع الأم بعد الإخصاب، كانت كافية لإحداث تغييرات سلوكية».
من جانبها، قالت البروفسورة مونيكا وارد، المتخصصة في علم الأحياء التناسلي، إن النتائج تمثل خطوة متقدمة في فهم كيف يمكن لبرمجة الحياة المبكرة أن تمتد آثارها عبر الأجيال، مؤكدة أن الجمع بين علوم الأحياء التناسلي وفوق الجينات وعلوم التطور يفتح آفاقاً جديدة للتدخلات الوقائية.
ويأمل الفريق البحثي أن تساعد هذه النتائج في تطوير استراتيجيات علاجية أو وقائية قبل الحمل، سواء عبر تحسين النظام الغذائي أو استخدام تدخلات دوائية، للتقليل من المخاطر المحتملة على نمو دماغ الأطفال. وأوضح الخبراء أن أسباب اضطراب طيف التوحّد لا تزال معقدة، وأنها ناتجة عن تفاعل العوامل الجينية والبيئية، مؤكّدين أن التوحّد ليس مرضاً، وإنما اختلاف في طريقة عمل الدماغ، ولا علاقة له باللقاحات أو أسلوب التربية أو نوعية الغذاء.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









