تتواجد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في محيطنا اليومي بشكل واسع، إذ لا تقتصر على البيئة الخارجية مثل الهواء والمياه، بل تخترق أيضاً أجسام الكائنات الحية بما فيها الإنسان. فقد أظهرت الدراسات الحديثة وجود هذه الجسيمات في الدماغ والأعضاء الداخلية، ما يسلط الضوء على مدى انتشارها وتأثيرها المحتمل على الصحة العامة. ومن أبرز طرق دخول هذه الجسيمات إلى الجسم المشروبات التي نتناولها يومياً، سواء كانت ساخنة أو باردة، مما دفع الباحثين لدراسة مستويات البلاستيك الدقيق فيها بدقة.
في التفاصيل، تنتشر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في كل مكان من حولنا؛ في الهواء الذي نتنفسه، وفي البحار والأنهار، وحتى داخل الأسماك والنباتات، وصولاً إلى دمائنا وأدمغتنا، وفق ما أظهرت العديد من الدراسات الحديثة. ومن المعروف أن إحدى الطرق الرئيسية لدخول هذه الجسيمات إلى الجسم هي عبر السوائل التي نشربها، حيث أظهرت أبحاث سابقة وجود البلاستيك الدقيق في مياه الصنبور والمياه المعبأة، إلا أن دراسة جديدة كشفت أن المشروبات الساخنة قد تكون مصدراً كبيراً لهذه الجسيمات.
في السياق، أجرت جامعة برمنغهام البريطانية دراسة على 155 نوعاً من المشروبات الشائعة، شملت مشروبات ساخنة وباردة، للكشف عن مستويات الجسيمات البلاستيكية الدقيقة فيها. وأظهرت النتائج أن أعلى تركيزات هذه الجسيمات كانت في الشاي والقهوة الساخنة، مقارنة بالمشروبات المثلجة التي أظهرت مستويات أقل بكثير، مما يشير إلى أن الحرارة العالية وعمليات التحضير تسهم في زيادة تركيز البلاستيك الدقيق.
كما أظهرت الدراسة أن نوع الكوب المستخدم يؤثر على مستوى الجسيمات البلاستيكية؛ فالشاي الساخن في الأكواب ذات الاستخدام الواحد يحتوي على نحو 22 جسماً دقيقاً لكل كوب، مقارنة بـ14 جسماً لكل كوب في الأكواب الزجاجية. وبالنسبة للقهوة الساخنة، أكد الباحثون أن الأكواب ذات الاستخدام الواحد هي المصدر الرئيسي للجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
وبحسب الدراسة، تراوحت مستويات الجسيمات البلاستيكية الدقيقة لكل لتر من المشروبات المختلفة كما يلي:
الشاي الساخن: 49–81 جسماً دقيقاً لكل لتر.
القهوة الساخنة: 29–57 جسماً دقيقاً لكل لتر.
الشاي المثلج: 24–38 جسماً دقيقاً لكل لتر.
القهوة المثلجة: 21–43 جسماً دقيقاً لكل لتر.
عصائر الفاكهة: 19–41 جسماً دقيقاً لكل لتر.
مشروبات الطاقة: 14–36 جسماً دقيقاً لكل لتر.
المشروبات الغازية: 13–21 جسماً دقيقاً لكل لتر.
كما قال البروفسور محمد عبد الله، أحد مؤلفي الدراسة، إن “وجود الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في جميع المشروبات التي تم فحصها يمثل مصدر قلق كبير، خصوصاً الشاي والقهوة التي يستهلكها الملايين يومياً. من الضروري أن تتخذ الحكومات والمنظمات الدولية إجراءات للحد من تعرض البشر لهذه الجسيمات، نظراً لانتشارها الواسع”.
وقد أظهرت دراسات سابقة على البشر والحيوانات وجود ارتباط بين الجسيمات البلاستيكية الدقيقة وآثار صحية سلبية، حيث يمكن لهذه الجسيمات أن تتسرب إلى الأنسجة، إضافة إلى أنها قد تحتوي على مواد كيميائية ضارة، ما يزيد من المخاطر الصحية المرتبطة بها.
وتشير هذه الدراسة إلى مدى انتشار الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في المشروبات اليومية التي يستهلكها الملايين، خاصة الشاي والقهوة الساخنة، وما تحمله من مخاطر صحية محتملة. ومع تزايد الأدلة على تأثير هذه الجسيمات على الجسم والأنسجة، يصبح من الضروري أن تتخذ الحكومات والمنظمات الدولية إجراءات وقائية وتشريعية للحد من تعرض البشر للبلاستيك الدقيق، وضمان سلامة الأغذية والمشروبات التي نتناولها يومياً.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









