كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة أولو في فنلندا (University of Oulu) أن تناول الأطفال للمضادات الحيوية خلال أول عامين من حياتهم قد يؤدي إلى ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) وزيادة خطر الإصابة بالسمنة في وقت لاحق، وتحديدًا بحلول سن الثانية عشرة.
وقد عُرضت نتائج الدراسة في مؤتمر الجمعيات الأكاديمية لطب الأطفال (Pediatric Academic Societies PAS 2025) الذي عُقد في أواخر أبريل من هذا العام في هونولولو، هاواي.
في التفاصيل، أوضح الباحثون أن استخدام المضادات الحيوية قبل الحمل أو أثناءه، أو حتى بعد الولادة مباشرة، لا يبدو مرتبطًا بزيادة الوزن لاحقًا. لكنهم شددوا في المقابل على أن الاستخدام غير الضروري لهذه الأدوية في عمر مبكر قد يكون له أثر طويل المدى، لا سيما مع خطر تطور مقاومة البكتيريا للمضادات، الأمر الذي يهدد بفعالية هذه الأدوية الحيوية في المستقبل.
واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات طبية لأكثر من 33 ألف طفل وُلدوا طبيعيًا، بهدف تتبع العوامل المرتبطة بزيادة الوزن خلال مراحل الطفولة. وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين تلقوا مضادات حيوية خلال أول عامين من حياتهم سجلوا مؤشر كتلة جسم أعلى بعمر السنتين مقارنةً بأقرانهم الذين لم يتعرضوا لهذه الأدوية.
وبحسب الدراسة، فإن نحو 68% من الأطفال ضمن العينة تلقوا مضادات حيوية في هذه المرحلة المبكرة من حياتهم، وغالبًا لعلاج حالات لا تتطلب مضادات مثل نزلات البرد والالتهابات الفيروسية، حيث تكون فائدتها محدودة جدًا.
كذلك، وجد الباحثون أن الأطفال الذين تناولوا المضادات الحيوية في أول عامين من حياتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة تصل إلى 9% قبل بلوغ سن الثانية عشرة، حتى بعد تعديل العوامل الأخرى التي قد تؤثر في النتيجة مثل الجنس ووزن الولادة.
في المقابل، لم تظهر أي علاقة بين تناول المضادات الحيوية أثناء الحمل أو قبيل الولادة وبين زيادة الوزن في الطفولة، رغم أن 27% من الأمهات و21% من الأطفال تعرضوا لها في تلك المراحل.
وتشير الإحصاءات إلى أن سمنة الأطفال تمثل تحديًا صحيًا عالميًا، حيث شُخّص أكثر من 159 مليون طفل في سن الدراسة بالسمنة في عام 2022. ورغم تنوع الأسباب بين عوامل جينية وأخرى بيئية أو مرتبطة بنمط الحياة، فإن التعرض المبكر للمضادات الحيوية يمكن اعتباره عاملًا يمكن التحكم فيه وتقليل أثره.
في ضوء المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، يوصي الخبراء بالتركيز على وسائل طبيعية لتعزيز مناعة الأطفال، خاصة في السنوات الأولى من العمر. تُعد الرضاعة الطبيعية من أبرز هذه الوسائل، إذ تزود الطفل بالأجسام المضادة والعناصر الغذائية التي تقوّي جهازه المناعي بشكل طبيعي. كما يُنصح بتقديم نظام غذائي متوازن وغني بالفواكه والخضروات الطازجة، لدعم صحة الأمعاء والميكروبيوم المفيد. ومن جهة أخرى، تشير الأبحاث إلى أن الإفراط في تعقيم البيئة المحيطة بالطفل قد يحد من تعرّضه الطبيعي للميكروبات، مما يضعف عملية بناء المناعة الذاتية. لذا فإن منح الطفل فرصة للعب في الهواء الطلق وتعرّضه التدريجي لعوامل بيئية متنوعة قد يساعد في تطوير جهاز مناعي قوي، ويقلل الحاجة المستقبلية للمضادات الحيوية.
في هذا الإطار، خلصت الدراسة إلى دعوة الأطباء لتوخي الحذر عند وصف المضادات الحيوية للأطفال، خاصة خلال أول عامين من عمرهم، تجنبًا للمخاطر الصحية بعيدة المدى وعلى رأسها السمنة، مع التشديد على أن استخدام المضاد الحيوي يجب أن يكون مقتصرًا على الحالات التي تستدعي ذلك طبيًا بشكل واضح.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









