في ليلة حملت الكثير من الرمزية والوفاء، اجتمع جمهور واسع في العاصمة السعودية الرياض ليشهد أمسية استثنائية بعنوان “نبض الكويت”، ضمن فعاليات موسم الرياض بنسخته السادسة، حيث كان التكريم لبلبل الخليج نبيل شعيل، الذي شكّل على مدى عقود أحد أبرز الأصوات الخليجية وأكثرها تأثيراً في الذاكرة الفنية العربية. منذ اللحظة الأولى لاعتلائه خشبة المسرح، بدا واضحاً أن شعيل يعيش حالة وجدانية خاصة، إذ استهل الأمسية بكلمات ترحيبية صادقة قال فيها: “شرفتونا اليوم وإن شاء الله نقضي معاكم ليلة جميلة”، لتفتح هذه العبارة البسيطة أبواب التواصل المباشر مع الجمهور الذي حضر مكتمل العدد، متشوقاً لسماع أغنيات شكلت جزءاً من وجدانهم الشخصي والجماعي. بدأ الحفل بأغنية “سكة سفر”، التي حملت الكثير من الدلالات الرمزية، فهي ليست مجرد عمل غنائي بل أيقونة ارتبطت بالرحيل والحنين والذاكرة، لتتحول إلى جسر وجداني بين الفنان وجمهوره. ومع تصاعد الإيقاعات، علت أصوات التصفيق والهتاف، في مشهد يعكس عمق العلاقة بين نبيل شعيل وجمهوره الممتد عبر الأجيال. لم يكتف شعيل بهذه البداية، بل قدّم مجموعة من أبرز أعماله التي رسخت حضوره الفني، منها “راحت وقالت” و”ندمان”، إلى جانب مختارات من أرشيفه الغنائي الذي يجمع بين الكلاسيكيات والحديث، ليؤكد أن مسيرته لم تتوقف عند محطة واحدة، بل هي رحلة متجددة من الإبداع والوفاء للفن. الأمسية لم تكن محصورة بشعيل وحده، إذ شاركه على المسرح الفنان السعودي عايض يوسف والفنان الكويتي مطرف المطرف، ليكتمل المشهد الفني بروح خليجية جامعة، حيث تنوعت الأصوات وتداخلت الألوان الغنائية في لوحة واحدة، عكست وحدة الذائقة الفنية في المنطقة. تكريم نبيل شعيل في موسم الرياض لم يكن مجرد احتفاء بفنان، بل هو تكريم لمرحلة كاملة من الأغنية الخليجية التي ساهم في تشكيلها وإيصالها إلى فضاءات أوسع. فشعيل، بصوته العميق وأدائه المتزن، استطاع أن يترك بصمة لا تُمحى في الذاكرة الفنية، وأن يكون جسراً بين الماضي والحاضر، بين الكويت والخليج والعالم العربي. ليلة “نبض الكويت” جاءت لتؤكد أن الفن الحقيقي لا يشيخ، وأن الأصوات الصادقة قادرة على الاستمرار مهما تغيّرت الأزمنة. ومع ختام الأمسية، بدا واضحاً أن الجمهور لم يكتفِ بالاستماع، بل شارك في صناعة اللحظة، ليصبح جزءاً من هذا التكريم الذي سيظل محفوراً في ذاكرة موسم الرياض، وفي سجل نبيل شعيل الفني الذي يزداد ثراءً مع كل محطة جديدة.
يمكنكم نشر مقتطفات من المقال الحاضر، ما حده الاقصى 25% من مجموع المقال، شرط: ذكر اسم المؤلف والناشر ووضع رابط Aghani Aghani (URL) الإلكتروني الذي يحيل الى مكان مصدر المقال، تحت طائلة تطبيق احكام قانون حماية الملكية الفكرية.









